دلوعة المنتدى مشرف
عدد المساهمات : 138 تاريخ التسجيل : 19/06/2011
| موضوع: كيف يفسد الود؟ الخميس يونيو 23, 2011 1:33 pm | |
| نامت الشمس واستقرت في غروبها، وقرب الليل علي القدوم. كان الديك يجرجر أقدامه استعدادا للنوم بعدما أنهى مهمته اليومية الشاقة التي تبدأ لحظة الفجر وتنتهي برحيل الشمس نحوى المغيب، تلك المهمة الخطيرة التي لم يتخلف يوما عن أداءها، ولم يتأخر لحظة عنها، فهو مؤمن تماما بأن أي لحظة تأخير منه سوف تغير العالم كله! وبينما هو في طريقه يجر أقدامه المنهكة, ويمني النفس بالراحة العذبة تقابل مع البومة القابعة فوق غصنها المعتاد. ألقت البومة التحية، وقبل أن يرد الديك سألته بصوتها العميق:هل ظهر القرص اللامع الذي يزين السماء؟ تنهد الديك، وأضاف الي تنهيدته تثأوب عميق، ثم رد عليها:نعم لقد ظهر منذ زمن طويل ورحل وأنت مازلت نائمة! مصمصت البومة منقارها بحسرة وقالت: يا للخسارة، لكم أحب أن أنظر إليه طويلا، وأتأمل جمال شعاعه الناعم ساعات وساعات، كيف فاتني اليوم؟ تعجب الديك من حديث البومة، وفي لحظة فارقه كل إحساس بالتعب، وقال بدهشة: تتأملينه وتنظرين إليه ساعات وساعات؟ قالت البومة بحزن من فقد شيء أثير: نعم! ثم أضافت بعجب: ألم تتأمله أنت أبدا! ضحك الديك قائلا: أتأمله؟ أنا لا أطيق أن أرفع عيني تجاهه، إنه يحرق عيني بحرارته المتوهجة. شهقت البومة وقالت: متوهجا ويحرق العين؟ كيف تقول ذلك؟! غلطان أنت يا صديقي، انه منيرا وضوءه رائع.أنا امضي وقتا طويلا أتأمل استدارته وجماله. عقد الديك ما بين حاجبيه وقال: أنا لا أصدقك, لا أحد يستطيع أن يتأمل في استدارته، ولا أحد يتحمل شدة الحر الذي يسببه ولو للحظة. اندهشت البومة وقالت: أي حر تتحدث عنه؟ إن هذا القرص اللامع ما أن يظهر في السماء حتى يمتلئ الجو بنسيم منعش. هز الديك رأسه وقال: مع الأسف إن كلامك خاطئ فان هذا القرص يرسل الحرارة للأرض ويلهب كل شيء، انه حارق. ارتفعت شهقة البومة أكثر, وقالت باستنكار بالغ: ماذا تقول يا جاهل؟ أنت لا تعرف شيء! انتفخ عرف الديك غضبا وصار قرمزيا وهو يصرخ: لماذا تنعتينني بالجاهل؟ نظرت إليه البومة بطرف عينها وقالت: لأنك حقا جاهل لا تعرف شيئا.ارتفع صوت الديك أعلي وصاح أكثر: بأي حق تقولين هذا؟ رفعت البومة رأسها ونظرت الي الديك من أعلي وهي تقول بصوت متأني وقور:لأنني أكبر منك وأعرف أكثر.. أنا حقا لم أشعر بالحر والتوهج الذي تقول عليه عند ظهوره. صعّد الديك من حدة المناقشة وصاح بغضب: أنا أدرى منك بالقرص اللامع، فأنا أصيح منذ ظهوره، وأنام عند غيابه. لكن البومة لم تتوقف، وأصرت علي أنها هي من تتأمله منذ ظهوره، وهي من تنام عند غيابه... وأصر كل منهما علي رأيه وغضب الديك و قرر أن يقاطع تلك البومة المتكبرة ولا يخاطبها مرة أخرى, ثم ذهب لينام. وبقيت البومة (تبرطم) فوق الشجرة لتبدأ سهرتها اليومية بالتذمر. | |
|