في رحاب نص قرآني: "فجاءته إحداهما تمشي على استحياء ..."

بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على خير الخلق أجمعين خاتم الأنبياء والمرسلين
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ضمن سلسلة في رحاب نص قرآني


بسم الله الرحمن الرحيم
فجاءته إحداهما تمشي على استحياء قالت إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا ..."سورة القصص أية 25



قد يستغرب البعض من اختيار هذا النص القرآني فليس فيه ترهيب أو ترغيب من شيء ولا أمر للمؤمنين بفعل شئ أو بتركه
ولكن اختياري لهذا النص كان لتصويره لمشهد فيه من الدروس الكثير الكثير لشباب وبنات أمتنا
وهو دعوة للالتزام بخلق غاب عن الكثيرين ولا حول ولا قوة إلا بالله وهو الحياء

بعد أن خرج نبي الله موسى على نبينا وعليه الصلاة والسلام من مصر توجه إلى مدين وهناك وجد بئرا والناس يسقون أغنامهم من هذه البئر...وبعيدا عنهم تقف امرأتان تنتظران أن يرحل القومُ لتسقيا أغنامهما ومن رحمته بهما سقى لهما

بسم الله الرحمن الرحيم "ولما ورد ماء مدين وجد عليه أمة من الناس يسقون ووجد من دونهم امرأتين تذودان قال ما خطبكما قالتا لا نسقي حتى يصدر الرعاء وأبونا شيخ كبير 24 - فسقى لهما ثم تولى إلى الظل فقال رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير"
وكان من فضل الله عليه أن دعاه أبوهما ليجزيه عن ما فعل وجاءته إحدى المرأتين بالدعوة



وسبحان الله العلي القدير سبحانه ما أجمل كلامه ووصفه فالله جل في علاه يعطي في هذا النص وصفا دقيقا لمشهد قد يبدو بسيطا وعاديا لا يغير شيئا في رسالة نبي الله موسى ولا في مصير قومه ...

فكيف ولماذا يتم تقديم هذا الوصف للمشي والحوار؟ وهو كلام الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل العزيز الحميد.

ما أهمية هذا المشهد ووصفه ؟
إن لم يكن دعوة للاقتداء به دعوة للتعلم لكل مسلمة. لتعلم الأدب في القول والفعل وخاصة الأدب في مخاطبة أجنبي إن دعت الضرورة ...

"فجاءته إحداهما تمشي على استحياء قالت ..." فالمشي هنا على استحياء والقول على استحياء وما أعظم خلق الحياء وخاصة للمرأة

تمشي على استحياء

فلا تمايل ولا ودلال مما نشاهده في أغلب بناتنا اليوم من إثارة للفتن ولا حول ولا قوة إلا بالله
ناسيات ومتناسيات قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في صحيح مسلم
" صنفان من أهل النار لم أرهما رجال بأيديهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها "
مائلات عن العفة والاستقامة مميلات لغيرهن


الاستحياء في القول

"فجاءته إحداهما تمشي على استحياء قالت إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا ..."ومن الاستحياء في القول عدم الخضوع فيه بلا تكسر ولا استعطاف
" يا نساء النبي لستن كأحد من النساء إن اتقيتن فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولا معروفا" سورة الأحزاب أية 32.ودعوة أمهات المؤمنين هنا رضوان الله عليهن هي دعوة لكل مسلمة فهن قدوة كل مسلمة

ومن الاستحياء في القول أيضا عدم الإكثار فيه والإطالة دون فائدة تذكر.
عجبا لهذا الكلام ما أبلغه
" إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا " عبارة قصيرة وشاملة لا تستدعي استفسارا (بدون أخذ ورد) ...
- لم تذكر الدعوة فقط فيسأل لماذا فتقول لأجل كذا وكذا فيكثر الحديث
- ولم تدع مجالا للشك والريبة في مصدر الدعوة فمن أدبها وحيائها أن
ذكرت والدها في بداية كلامها " إن أبي يدعوك ..." للتأكيد على أن الدعوة من الأب ولأجل ...

"قال ما خطبكما قالتا لا نسقي حتى يصدر الرعاء وأبونا شيخ كبير"
"قالت إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا ..."
فما أوجزه وما أبلغه من خطاب

فأين نحن وأين شبابنا من هذا الحوار البليغ المختصر؟

حوارات مع البائع والجار والزميل في العمل ...ومزاح وضحك

الحياء من الحياة فمن كان حييا كان حيا وقلبه حيا ومن ترك الحياء ترك الحياة
فلنحيي قلوبنا من جديد بهذا الخلق العظيم الذي به تستقيم حياتنا ومجتمعاتنا وترقى

خلق من أخلاق سيد الخلق رسول الله صلى الله عليه وسلم

في صحيح البخاري
عن أبي السوار العدوي قال: سمعت عمران بن حصين قال:
قال النبي صلى الله عليه وسلم: (الحياء لا يأتي إلا بخير)

عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: مر النبي صلى الله عليه وسلم على رجل، وهو يعاتب أخاه في الحياء، يقول: إنك لتستحيي، حتى كأنه يقول: قد أضر بك،
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (دعه، فإن الحياء من الإيمان)
عن مولى أنس - قال أبو عبد الله سمعت أبا سعيد يقول:
كان النبي صلى الله عليه وسلم أشد حياء من العذراء في خدرها



"ولما ورد ماء مدين وجد عليه أمة من الناس يسقون ووجد من دونهم امرأتين تذودان قال ما خطبكما قالتا لا نسقي حتى يصدر الرعاء وأبونا شيخ كبير 24 - فسقى لهما ثم تولى إلى الظل فقال رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير 25 - فجاءته إحداهما تمشي على استحياء قالت إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا " سورة القصص

نسأل الله أن يرزق نساء وشباب الأمة الحياء ويحسن أخلاقهم

أستغفر الله لي ولكم
وأعوذ بالله أن أذكركم بهذا وأنساه